الدبش .. 50 عاما مع القطايف

http://static.alrai.com/uploads/repo...c173c3afaa.jpg

وليد سليمان

القطايف ورمضان صديقان لا يفترقان ..!
تظل رائحة أقراص القطايف ، الطرية المخبوزة على صاج النار، تجذب الصائمين من خلال منظرها الجميل ونكهتها الطيبة .. وبالذات عندما يقف المشترون في طابور بانتظار دورهم لشراء كميات من حباتها البيضاء المحمرة قليلاً من أحد الوجهين .
وهناك عند بعض باعة القطايف في عمان نلاحظ التذاكر الورقية التي من خلالها يتم دفع ثمن القطايف ومن ثم لتنظيم دور الزبائن المستعجلين غالباً في فترة ما بعد العصر من كل يوم رمضاني .
هذا ما لاحظناه في محل صُُنع القطايف الشهير لصاحبه المرحوم «محمد الدبش» الذي بدأ بمهنة صنع وبيع الحلويات الشعبية الشهيرة مثل الهريسة والعوامة وأصابع زينب والقطايف في رمضان للجمهور في عمان منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي في منطقة مخيم الحسين قرب شارع الاردن .
بعد المرحوم محمد الدبش استمر أنجاله في عمل أقراص القطايف كل سنة في هذا الشهر .. حتى ان العديد من زبائن هذه القطايف السنوية مازالوا يأتون لمحل الحلويات الشعبية هذا بعدما سكنوا في مناطق بعيدة وفخمة أيضاً !! .

على الفحم والبلاط
وتحدث لأبواب – الرأي « علاء الدبش» موضحاً : كان والدي قديماً في رمضان يخبز على صاج القطايف بعد ان يشعل النار تحته بواسطة الفحم .. وكان الصاج قديماً ليس حديدياً بل مجرد بلاطات ملساء حامية .. وأذكر ان والدي كان يتعب كثيراً عند صنعه للقطايف لأنه كان يعجن القطايف بيديه ولم تكن آلات العجن معروفة آنذاك .. حتى انه عندما كان يعجن عجينة القطايف كان يظل نحو ساعتين من الزمن وهو يفركه بيديه حتى تذوب حبيبات العجين الكبيرة والصغيرة ولتصبح المادة تلك - المصنوعة من طحين الزهرة الأجود من الزيرو والماء مع اضافات اخرى- سائلة وطرية وصافية ومناسبة للصب فوق سطح الفرن البلاطي .
وبعد فترات طويلة وعندما تقدمت التقنية صرنا نستعمل العجّانة الكهربائية التي لا تمسها الايدي لعجن مادة القطايف السائلة والمتماسكة .
وقال علاء : نفتخر ان قطائفنا من أجود أنواع القطائف حتى أن بعض الزبائن يشترون كميات كبيرة ومنهم من يقوم بتفريزها بالثلاجات لاستعمالها متى يريدون طوال أوقات السنة !! .

حشوات القطايف
أما عن حشوات القطايف فهي عديدة ومتنوعة وذلك حسب أمزجة وأذواق أفراد العائلات وقدراتهم المادية أيضاً .. فهناك من يقوم بحشو حبات القطايف في البيت بمفروم جوز القلب أو اللوز أو الصنوبر أو الجبنة البيضاء الحلوة . أو الفستق الحلبي أو الفستق العادي مع مبشور جوز الهند والقرفة . وهناك من يحشوها بالزبيب أو القشطة أو العجوة أو حتى الحلاوة بالطحينية !! .
وأشار الدبش إلى ان الاقبال يشتد كثيراً على طلب القطايف في أول عشرة أيام من رمضان وكذلك في آخر اسبوع من رمضان .. فالناس في البداية يكونون متشوقين لأكل القطايف وفي آخر الشهر لتوديع هذه الحلوى ( القطائف ) بعد خبزها في الفرن ووضع قطر السكر عليها أو العسل .
وعن أحجام وأشكال أقراص القطايف الدائرية التي يقوم محل الدبش للحلويات بصنعها في رمضان فمنها ذات الحجم العادي المتعارف عليه ، ومنها الصغير جداً أي ما يسمى بالعصافيري الذي يحشى بالقشطة والعسل , وهناك أقراص القطايف الكبيرة والتي تسمى بالقطايف الخليلية .. وهناك الكبيرة جداً التي تتسع الحبة الواحدة منها لطبق معدني كامل حيث يوضع على سطحها المكسرات ثم تلصق الطبقة الاخرى بقرص آخر من نفس الحجم فوقه ليوضع بالفرن حتى تستوي وتصبح جاهزة بعد وضع قطر السكر عليها لأكلها مع أفراد العائلة أو الضيوف في ليالي وسهرات رمضان اللطيفة .

مزاج الناس
ومن المناسب هنا أن نذكر ان أمزجة الناس بتناول القطايف متعددة فمنهم من يأكل القطايف عند أذان المغرب في الحال .. لكن اكثر الناس الصائمين يأكلونها اثناء السهر في رمضان اي بعد الافطار بساعتين أو اكثر مثلاً حتى يكون قد هضم بعض الطعام الذي تناوله عند الافطار .
وهناك من آكلي القطايف من يأكلها كل يوم .. وبعضهم يتناول عدداً لابأس به من حبات القطايف .. لكن المتعارف عليه صحياً ان يأكل الشخص حبتين فقط في السهرة .. لان كثرة إلتهام القطايف ربما تتعب المعدة !! .

في مدح القطايف
والقطايف تلك الحلوى الرمضانية والتي تظهربالدرجة الأولى لمدة شهر واحد فقط في السنة في كل من الاردن وفلسطين وسوريا ولبنان ومصر.. وربما أيضاً في دول عربية وأجنبية اخرى ولكن بشكل أقل .. هي في أصلها نشأت وعُرفت قديماً أيام الدولة الاموية في دمشق واستمرت حتى الان .
ومن الاشعار التي قيلت في مدح القطايف نذكر مثلاً ما قاله زين السكندري قديماً :
لله در قطايف محشوة
من فستق دعت النواظر واليدا
شبهتها لما بدت في صحنها
رقائق عاج قد حشين زبرجدا
أما سيف الدين بن المشد فقد قال :
وقطايف مثل البدور
قد سقيت قطر النبات
وطُيبت بالماء ورد