التدخين مستمر وحظره حبر على ورق

عمان - هبة العضايلة - في عام 2007 أصدر مجلس النواب قانون (الصحة العامة) الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة، غير أن القانون لم يأخذ حقه من التطبيق، ولم يشكل ، كما يقول مراقبون، رادعا قويا، أو التزاما حقيقيا، فبقي التدخين في الكثير من الأماكن العامة مستمرا.
ويؤكد مراقبون في الصحة ان خرق قانون الصحة العامة، والتجاوز عليه، ليس حكرا على العامة فقط، فهما يخرقان باستمرار من نخب، وابرزهم ما ترصده كاميرات الاعلام لاعضاء في السلطة التشريعية وهم يدخنون تحت قبة البرلمان ، عدا عن مئات المسؤولين الذين يدخنون في الأماكن العامة ، فيما يفترض بحسب المراقبين « أن من شرعوا القانون يعنيهم إنفاذه وعدم خرقه وتحديه «.
وهنا يتبين مدى الحرج السياسي والصحي الذي يقع على الاردن فمشرعون ومنفذون يدخنون علنا والاعلام ينقل صورهم مع ان الاردن من الدول التي وقعت على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ والتي تهدف لحماية الأجيال الحالية والمقبلة من العواقب الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية الناجمة عن تعاطي التبغ والتعرض لدخانه، وذلك بإتاحة إطار لتدابير مكافحة التبغ التي يتعين أن تنفذها الأطراف على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي من أجل خفض معدل انتشار تعاطي التبغ والتعرض لدخانه بشكل دائم .
ووفقا لمراقبي صحة فان الرسالة التي يتركها تدخين الذين من واجبهم التأكد من تنفيذ قانون (الصحة العامة) وضمان عدم التعدي عليه وصون هيبته، سلبية، في سياقين الاول انهم يشرعون خرق القانون وعدم احترامه من الآخرين والثاني تدخينهم قد يحفز غيرهم للاقتداء بهم.
ويعتبر التدخين في الأماكن العامة خرق للاتفاقية الدولية التي وقعها الأردن وصادق عليها مجلس الأمة، وهي اتفاقية تستوجب من الدولة بكل مكوناتها أن تحترمها وتضمن احترامها كما يفترض أن تضمن نفاذ القانون، لحماية الصحة العامة والخاصة من جهة، ولوقف هدر ملايين الدنانير التي تصرف على علاج الأمراض التي يسببها التدخين، فضلا عن الاستنزاف الذي يسببه لجيوب المواطنين.
وهنا يدعو مراقبون إلى وقفة مراجعة للإجابة عن السؤال حول سبب العجز في تطبيق القانون، ولما لا تتضافر الجهود المؤسسية والمجتمعية للحد من آفة التدخين وأكلافها .
الى ذلك لبى مسؤلون الدعوات بتبني مبادرات لتفعيل قانون مكافحة التدخين .

مبادرة للأوقاف
وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد نوح القضاة وعد بتنفيذ مبادرة ستطلقها الوزارة وذلك بالتحدث عن الحكم الشرعي للتدخين ومضاره من خلال ندوات ومنشورات واعلانات وان الوزارة ستعمل على تخصيص وقت من خطب الجمعة لمدة ثمانية اسابيع للتحدث عن مضار التدخين وبيان حرمته شرعا.
ويبين الوزير القضاة مدى حرمة التدخين شرعا، والصادر عن دائرة الافتاء الجهة المخولة باصدار الفتاوى. ويرى ضرورة أن يلتفت الائمة والخطباء خلال الدروس وخطب صلاة الجمعة إلى جعل محاربة التدخين والحديث عن مضاره على المدخن ومن يحيطون به جزءا من مهمة الوعظ والإرشاد.
ويضيف القضاة: مكافحة التدخين يجب ان تشترك فيه عدة جهات منها الاعلام ووزارتا التربية والتعليم والاوقاف ومؤسسات المجتمع المدني، وكل جهة تقوم من طرفها بالتوعية والوعظ للحد من آفة التدخين. مؤكدا أن للاوقاف الدور الاكبر في توجيه الناس اثناء الدروس الدينية وخطب الجمعة.

تطبيق القانون ضعيف
وزير التربية والتعليم محمد جمعة الوحش يقول: الاردن سن قوانين كثيرة تحظر التدخين في الاماكن العامة لكن لا يزال تطبيقها والالتزام بها ضعيفين، ما يستدعي تنسيق الجهود للبدء بمحاربة التدخين بالتثقيف الذي يركز على مدى ضرر التدخين، ماديا وصحيا. مشيرا الى تجربته الشخصيه باقلاعه عن التدخين قبل سبع سنوات بالارادة وبالعزيمة.
يرى الوحش أن هناك حاجة الى برامج تلفزيونية تنبه لمضار الآفة من الناحيتين الصحية والاقتصادية مع أهمية دور خطباء المساجد، ودور المعلمين والرسالة السامية التي يقدمونها من خلال ارشاد وتوجيه الطلاب ،وقبل ذلك أن يكون المعلم قدوة للطلاب بعدم التدخين أمام طلابه.
ويقول الوحش ان وزارة التربية ستلبي الدعوة باطلاق مبادره لمكافحة التدخين تتضافر فيها كل الجهود بين الوزارة والمدرسين لتفعيل قانون منع التدخين في المدارس، مشيرا الى وجوب التشديد في تطبيق القانون بما فيه من عقوبات لإحداث الردع.
خطة لمنع التدخين
الدكتورة فلك الجمعاني رئيسة لجنة الصحة في مجلس النواب شددت على وجوب منع التدخين وخاصة في الاماكن العامة مشيرة الى أهمية تشديد المنع في وزارة التربية.
وترى الجمعاني أن هناك حاجة الى وجود خطة تكاملية تطبق على مراحل لمنع التدخين, تبدأ بمرحلة العزل بايجاد اماكن مخصصة للمدخنين ثم مرحلة الغرامة أو العقوبة ، وتتعاون في ذلك وزارة الصحة والبيئة، للمراقبة بما يضمن تطبيق القانون، موضحة ان هناك تهاونا في تطبيق قانون منع التدخين.
ودعت الجمعاني إلى منع التدخين نهائيا في مجلس الامة لافتة إلى أنها وعددا من النواب تقدموا سابقا بمذكرة لمنع التدخين داخل مجلس النواب، وأخذت على نواب عدم التزامهم بالمذكرة .
وتعهدت الجمعاني بالمبادرة إلى توقيع مذكرة نيابية أخرى تطالب بمنع التدخين تحت القبة.
وحضت الجمعاني النواب على التجاوب والتعاون معها للحد من تفاقم هذه الظاهرة السلبية ، متمنية من زملائها النواب التخلص من التدخين لتبدأ مكافحة هذه الآفة من مجلس الامة ليكون قدوة حسنة يحتذى بها.

دور الاعلام
النائب الدكتورة رولى الحروب عبرت عن استيائها من التدخين تحت قبة البرلمان لضرره ولكونه مخالفة صريحة لقانون الصحة العامة لسنة 2007 الذي بموجبه يمنع التدخين في الاماكن العامة.
وشددت على دور النواب في مكافحة التدخين وضرورة إدراك أنهم قدوة في سلوكهم .
وتتساءل (الحروب) كيف يكون النائب قدوة للآخرين وهو يدخن تحت القبة غير آبهٍ بالقانون.
تقول الحروب «ان المدخين في مجلس النواب لا يضرون انفسهم فقط فكثير من النواب يتأذون ويفرض عليهم التدخين السلبي دون ان يختاروه».
وتبين الحروب مدى الحاجة الى استراتيجية على مستوى الدوله تتضافر فيها جهود كل المؤسسات لتفعيل قانون منع التدخين.
وتدعو الحروب رئيس مجلس النواب إلى فرض نص في نظام المجلس الداخلي يمنع التدخين تحت القبة ومبنى المجلس، مؤكدة أنها كإعلامية ونائب ستاخذ على عاتقها اطلاق دعوات تطالب بتطبيق قانون منع التدخين في المجلس وفي الأماكن العامة.

مبادرة للمكافحة
رئيس المجلس الاعلى للشباب الدكتور سامر المجالي يقول: التدخين من الوسائل القاتلة وهو من اكثر المسببات المدمرة للرياضي لما له من مضار خطيرة على صحة الانسان بالعموم والرياضي بالخصوص لتأثيره على نشاطه وقدراته.. فالرياضي غير المدخن نتائجه عادة افضل من الرياضي المدخن .
ويبين المجالي تعاونه بتبنيه مبادرة لمكافحة التدخين تتضمن ورشات عمل ومنشورات لبناء ثقافة عن مضار التدخين.
كما سيعمل على وضع قوانين تمنع التدخين بين الشباب والرياضيين التابعين للمجلس.
ويقول المجالي ان معسكرات الحسين السنوية والتي يشارك فيها اكثر من 130 شابا ستكون أساسا لمبادرة مكافحة التدخين بين الشباب والرياضيين.

تنامي عادة التدخين
أمين عام المجلس الأعلى للسكان الدكتورة رائدة القطب ابدت تخوفها من تنامي التدخين بين الشباب - فئة الشباب (18- 34 سنة) تشكل حالياً ما يقدر بـ 36% من سكان المملكة .
ودعت إلى منع انتشار هذه الآفة التي تشكل تحدياً امام الصحة العامة لما لها من أثر سلبي مباشر على الصحة والاقتصاد .
وتقول قطب: ان انتشار انماط وسلوكيات الحياة العصرية زاد من معدلات الأمراض غير السارية مع ارتفاع في تقديرات عوامل الاخطار المؤدية الى هذه الامراض مستقبلا عند الشباب كارتفاع نسبة التدخين ما يؤثر سلبا على كل مناحي الحياة .
ويقول مراقبون ومشروعون يجب الالتزام بالقانون وعلى المشرع ان يحترمه لعلمه ودرايته بما يشكله التدخين من ضرر على صحة المجتمع، وما يرتبه على الدولة من خسائر مالية طائلة لمعالجة الامراض المزمنة والقاتلة الناجمة عن التدخين وابرزها السرطان وامراض الرئة والتنفس ، فضلا عن ثمن الدخان الذي يتجاوز المليار دينار سنويا.
ويوجه المتحدثون الذي التقتهم « الراي « رسالة الى جميع المسؤولين ان تكون لهم البادرة والعمل على تفعيل قانون منع التدخين في مؤسساتهم لان مكافحة التدخين بحاجة لتكاتف مشترك بين جميع فئات المجتمع من افراد ومؤسسات للعمل على تطبيق قانون المنع والحد من ظاهرة التدخين في الاماكن العامة والدوائر الحكومية والمطاعم ووسائل النقل العام ومنع الترويج العلني للمطاعم والمقاهي بما يخص التبغ ومشتقاته ومنع شركات التدخين من المنافسة بتخفيض الاسعار لتكون بمتناول الجميع والعمل على زيادة تثقيف المجتمع حول مخاطر التدخين بالتعاون مع وسائل الاعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة والالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي .