كتبت - سهير بشناق - تضيء جلالة الملكة رانيا العبدالله اليوم شمعة جديدة في سنوات عمرها التي لم تزدها سوى رغبة في العمل والعطاء والانجازات المحملة بنجاحات حقيقية لامست فئات كثيرة بالمجتمع وتمكنت من احداث تغييرات نوعية.
وأنجزت جلالتها خلال محطات حياتها الكثير فكانت بصماتها واضحة تشهد عليها النجاحات العديدة التي قادت للتغيير الى الافضل، وهي التي تؤمن وتنطلق في جميع ما تقوم من أنها الاخت والابنة والام قبل ان تكون ملكة فكلمات جلالتها وهي عائدة الى الاردن بعد ان خضعت لإجراء طبي لمعالجة حالة عدم انتظام في دقات القلب كلمات تعبر عن مدى حب جلالتها لاسرتها الاردنية:
« اشعرتني امنياتكم ودعاؤكم بانني بينكم.. اختا وابنة واما قبل ان اكون ملكة .. انتم اسرتي وانا اعيش من اجل اسرتنا الاردنية الواحدة وكلما سافرت او ابتعدت كبر الشوق لكم وكبرت فرحتي بعودتي بينكم.. اختا واما وبنتا تضعكم نصب اعينها وتوجهونها بحبكم وحكمتكم ونصحكم».
فقلب جلالتها النابض بحب الأردن والاردنيين كان ايضا ينبض بالفرح سعيدا بعودته ليكمل مسيرته المعطاءة بحب كبير.
قريبة من آلام الاخرين
لم تكن جلالتها في اي يوم من الايام بعيدة عن معاناة المواطنين وهمومهم تشاركهم اياها لانها واحدة منهم.
ففي شهر شباط من عام 2008 تزايدت قضية حوادث السير التي ادت الى وفاة شباب وفتيات واطفال وادمت قلوب امهات واباء لم ولن ينسوا ما فقدوا.
وقد كتبت جلالتها في حينها مقالا في الصحف لامست كلماته القلوب المثقلة بالحزن بعد الحادث المفجع الذي أودى بحياة اطفال وشباب على طريق اربد.
كتبت جلالتها قائلة «العنود أو كما كان أبوها يدلعها «زينة الدار» وأخواها يحيى وزيد. والاطفال جرير ودانيا ونور ، محمد وحمزة القواسمة وحمزة ابو شيح .. وأجنة أُختطفت ارواحهم قبل بدء حياتهم.
«شباب وشابات ، رجال ونساء .. ايمان ملكاوي ، وحمزة الخطيب ، وعلا البشير ، وفريال الخصاونة ، ومحمد القرعان ، وعلي الخوالدة ، ومحمد ابو سرحان ، وعبدالهادي العدوان ، ومحمد السرحان ، وميناء القواسمة ، ومريم صافي ، ومسعود نزال ... خسرناهم يوم السبت في حادث مروري مأساوي.
«ماذا نقول لآبائهم وأمهاتهم .. ابنائهم وبناتهم .. اصدقائهم واحبائهم .. اخوانهم واخواتهم. ماذا نقول ليسار وناريمان وقد فُجعوا بفقدان ثلاثة اطفالْ في يومْ واحد؟ ماذا نقول لاهل ايمان وقد خسروا بنتاً وحفيداً لم ير النور بعد؟ ماذا نقول لكم .. إن قلوبنا معكم والفاجعة دفنت قلوبكم؟ ان فكرنا معكم وافكاركم لا تبارح احباء ذهبوا الى الابد؟ اننا نقف معكم وانتم مثقلو الكاهل بالحزن والحسرة؟ اهل الضحايا ، احباؤنا .. لا نملك الا كلمات العزاء والمواساة. وانا اكتب هذه الكلمات بقلب مثقل ، أعلم علم اليقين انها لا تكفي. اخواتي واخواني في هذا البلد الحبيب ، لنسأل انفسنا كم قلب أُم سيبكي بصمت قبل ان نصرخ كفى؟ كم من الدمع سنذرف قبل ان تجف شوارعنا من دماء الابرياء؟ على كم طفلْ سنحكم بالنوم المؤبد قبل ان يستفيق ضميرنا؟ اقولها .. كفى».
وقد وجهت جلالتها كلماتها مخاطبة افراد المجتمع بصوت ام واخت قائلة « ان كان يوم السادس والعشرين – يوم وقوع الحادث – يوم حزن وحداد وحسرة فليكن ايضا يوم ارادة واصرار والتزام. ارادة فردية وجماعية على تغيير سلوكياتنا اثناء استخدام الطريق اصرارا على حفظ ارواح شعبنا وسلامته على شوارعنا التزاما بكل وعد قطعناه بعد كل مأساة عشناها».
كلمات جلالتها هذه التي لم تنس وجع الاسر الفارغة من محبيها لم يبق منها – كما قالت جلالتها – سوى الضحكات والدمى التي اصبحت للذكرى لا للعب ومقاعد فارغة على طاولة الطعام – كلمات لامست جروح هذه الاسر وكانت بلسما لها لم تغير قدرا ولكنها عكست مدى ألم جلالتها لما حدث وشعورها الصادق مع كل قضية ومشكلة تواجه الوطن والاردنيين.
انه قلبها النابض بالحب ونفسها الملتزمة برسالتها التي تبدأ من الاخرين وتنتهي بهم.

الأيتام
لانهم يعيشون مستقبلا غير واضح المعالم بلا سند من اب وتوجيه وعطف من ام ولانهم الاحوج لمن يفكر بمستقبلهم فيمنحهم الامان ويوفر لهم كل ما يمكنهم من التسلح بشهادة علمية تنور طريقهم وتجعلهم معتمدين على انفسهم، اخذت جلالتها على عاتقها وضمن مسيرتها الخيرة للتفكير بمستقبل الايتام بعد عمر الثامنة عشرة فجاء صندوق الامان لمستقبل الايتام ليوفر فرصا تعليمية حقيقية لمن بلغوا عمر الثامنة عشرة وبسبب ظروفهم الاسرية والحياتية غير قادرين على استكمال تعليمهم.
وجلالتها تدرك حجم المعاناة التي عاشتها هذه الفئة بلا سند أسري وحاجتهم لمن يمد لهم يد المساعدة فيضعهم بعد عمر الثامنة عشرة على بداية الطريق الصحيح المتمثل بالعلم الذي يفتح لهم مجالات كثيرة بالمستقبل.
فكلمة المستقبل وان كانت تردد يوميا على ألسنة الاباء والامهات والابناء وهم جميعهم يفكرون به لصالح ابنائهم وبناتهم فان جلالتها لم تنس هذه الفئة وسعت بجهودها الخيرة لإشعال شمعة سوف تضيء لهم مئات الشموع الاخرى بحياتهم.
وضمن حملة لدعم الايتام جاءت خلال شهر رمضان في اعوام مضت اطلقها صندوق الامان لمستقبل الايتام، وفي مقال لجلالتها عن الايتام حين قالت جلالتها «حتى لا ييتم اليتيم مرتين
« فمعظم الأيتام شاء القدر أن يعيشوا دون أب أو أم, أو تحملوا وزر أخطاء لم يقترفوها, فنشأوا دون انتماء لعائلة تساندهم وتحيطهم بالأمان, يعيشون في دور الرعاية الايوائية (دار الأيتام) بين عائلة صغيرة في محيط شبه مغلق عن باقي المجتمع.
«وعند بلوغه سن الرشد يقاسي اليتيم ثانية حين تتفكك تلك العائلة ويخرج إلى المجتمع غريبا ووحيدا. فللغالبية أب أو عم أو عشيرة أو عائلة أو جار ينتمي إليه. أما هو فيتيمهم كلهم»،
مضيفة :»الأمان في حياة اليتيم رهن الظروف والتساهيل والعمر... فبعد ربيعهم الثامن عشر يخرجون الى الدنيا بأحلام أن يصبحوا أطباء ومدرسين وممرضين ومهندسين وأزواجاً وآباء وأمهات وفي يوم ما أجدادا.
«لعبوا في لهوهم تلك الأدوار كما يلعبها أطفالنا ويتقمصونها، وكلهم أمل بأن يخرجوا من دور الرعاية أفرادا من المجتمع، يصبح ما يشاء ان جد واجتهد. ويكونوا لأنفسهم عائلات يوفروا لها ما لم يتوفر لهم... الاستقرار والأمان العائلي.
«لكن أحلامهم سرعان ما تتبدد حين يواجهون دنيا لم يستعدوا لها ولا لمسؤولياتها وواجباتها.
يخرجون للمجتمع بتعليم ثانوي قد يكفي لتأمين حياة كريمة لهم, حياة لم يعودوا فيها أيتاما بل أصبحوا مواطنين, إن أرادوا حقوقا وأمانا فعليهم واجبات. وهم أكثر الفئات حاجة لمن يدعمهم وإلا وقعوا ضحية البطالة والفقر.
مستقبلهم معلق بتعليمهم, هو فرصتهم لئلا يحتاجوا, وألا يجوعوا, وألا ييأسوا, وألا يعيشوا في عزلة».مؤكدة جلالتها في مقالها ان صندوق الأمان يدعم الأيتام من خلال تأمين التعليم الجامعي, أو التدريب المهني. ويضمن الصندوق أن الطفل وان دخل دار الأيتام، لن يخرج شابا الى حياة تيتمه من الأمان. لأن يتم الأبوين قضاء وقدر... لكن اليتم في المجتمع من فعلنا!».
تعكس هذه الكلمات مدى حرص جلالتها وسعيها لتلمس الام الاخرين ومساعدتهم على تخطي اية عقبات تواجههم .

الضرب لم ولن يكون أبداً
أداة للتعليم أو وسيلة للتأديب
تؤمن جلالة الملكة راينا العبدالله بالتعليم والبيئة المدرسية الامنة كون التعليم اساس
المستقبل والوعي الفكري الذي يؤهل الانسان للتفكير بطريقة افضل ويفتح امامه مجالات اوسع وافضل بالحياة.
ومن منطلق ايمان جلالتها هذا فانها سعت لان تكون هناك بيئة مدرسية امنة تعمل على تخفيض معدلات العنف ضد الأطفال في جميع المدارس الحكومية ومدارس الأونروا في المملكة باستخدام وسائل تأديبية حديثة بدلاً من الضرب.
وقد اكدت جلالتها اثناء مشاركتها وزارة التربية والتعليم ومنظمة اليونيسف إطلاق الحملة الوطنية(معاً... نحو بيئة مدرسية آمنة) ضمن رعاية جلالتها ومشاركتها للعديد من الانجازات التي تقوم بها جهات عديدة اهمية تلازم العملية التعليمية والبعد التربوي المناط بالمعلم والاهل كونهم القدوة والنموذج.
فجلالتها تؤمن بان «الضرب لم ولن يكون أبداً أداة للتعليم أووسيلة للتأديب. هناك بدائل تعلم التلميذ الانضباط ، فتضمن له كرامته ، كما تحفظ للمعلم هيبته ، فالطفل يتعلم بالحب وليس بالرهبة».
وجلالتها تتابع حال المدارس وواقعها واية سلوكات خاطئة قد تؤثر على سير العملية التعليمية وتنعكس على الطلاب. وقد قالت جلالتها ان «ما نراه اليوم في مدارسنا ليس منا في شيء فلا مجال للاستهانة اوالتهاون مع من يرى أن التأديب والضرب متلازمان، أومن يعتقد أن عدم احترام قوانين المدرسة، أوتطاول التلاميذ على معلميهم مقبول»، مؤكدة جلالتها أن»للقانون سيادة إن لم يحترمها الفرد، فلن تحترمه».
ليست مقولة فقط انما ايمانا ينعكس على ارض الواقع فعلا فجلالتها تدرك حقيقية ان قلوب الاردنيين محبة لبعضها البعض لكن هناك خللا في الممارسات التي يمكن ان تصوب والطفل مواطن المستقبل ما هو الا نتاج تربية سواء في المنزل او المدرسة حيث يقضي ثلث يومه وما يتعلمه من قدوته سيطبقه على مجتمعه بعد ذلك.
وجلالتها عملت خلال السنوات الماضية ايضا على توفير بيئة مدرسية امنة للطلاب من خلال تحسين المرافق لعدد من المدارس واعادة اصلاحها ليشعر الطالب ان مدرسته هي بيته الثاني وانه يفرح عندما يذهب اليها كل يوم يجلس على مقعد مناسب ويلعب بساحة امنة.
فاصبحت الكثير من المدارس مدارس حقيقية فكم من الجولات والزيارات التي قامت بها جلالتها على هذه المدارس قبل وبعد اصلاحها جلست بجانب الطلاب شاركتهم احلامهم ودونت على صفحات كتبهم ودفاترهم اجمل الانجازات ليقوموا هم بدورهم برسم لوحاتهم الابداعية بنفوس فرحة هادئة مطمئنة بان هناك من يعمل لاجلهم ويحرص على مستقبلهم.

الاساءة ضد الاطفال
منذ سنوات مضت كان طرح موضوع الاساءة ضد الاطفال من المحرمات فلم يجرؤ احد او جهة عن التطرق لهذه القضية المهمة بالرغم من وجودها بالمجتمع فكانت جلالتها اول من طرح هذه القضية بشكل علني لايمانها ان الاساءة لطفل تعني اساءة للمستقبل فطفل اليوم شاب الغد وما يمكن ان يلحق به من اساءة نفسية وجسدية لن ينساها طوال عمره.
فالنهج الذي سلكته جلالتها حيال هذه القضية لم يكن تقليديا او اعتياديا بل كان مبتكرا ويسعى الى تفجير طاقات الاخرين باعتبار كل فرد لديه قدرات كامنة يمكن استثمارها بالشكل المناسب اذا ما تم بناء تلك القدرات او وضعها في الاطار السليم وهو نهج اتبعته جلالتها في العديد من القضايا التي تبنتها جلالتها وسعت الى ايجاد حلول جذرية لها.
فقد تمكن الاردن بجهود جلالتها بقضية اساءة الاطفال ان يصبح نموذجا ورائدا على المستوى العربي فقد حاز الفريق الوطني لحماية الاسرة على جائزة دولية كما تم تاسيس اول دار لرعاية الاطفال المساء لهم وهي دار تسعى الى اعادة وتاهيل الاطفال المساء اليهم من جميع الجوانب وهي دار ايوائية تستقبل الاطفال الذين تعرضوا لاساءات وتتعامل معهم بمنهجية واضحة تمد لهم يد المساعدة على ايدي خبراء في الطفولة وفي الجوانب النفسية.
فما وصل اليه الاردن من تقدم كبير في قضية الاساءة ضد الاطفال مايزال يشكل نموذجا حقيقيا يحتذى به فتعرض طفل لاساءة اصبحت قضية وطنية واصبح هناك جهات عديدة تعمل على التعامل مع الاطفال المساء اليهم فطرح هذه القضية لم يعد من المحرمات بل هو رسالة تتبناها اكثر من جهة.
وآمنت جلالة الملكة رانيا ولا تزال تؤمن بان الاطفال يجب المحافظة على امنهم وسلامتهم في الاسرة والمدارس والاماكن العامة والاساءة لهم او تعريضهم للخطر يعني ان يترك اثارا سلبية عليهم في المستقبل فهم اطفال الاردن الذي كان الفضل الكبير لجلالتها لحمايتهم من خلال اعتبار الاساءة ضدهم من الاولويات في المجتمع.

أطفال غزة
جلالة الملكة رانيا لم تنس ما يعانيه اطفال العالم ولعل موقف جلالتها حيال اطفال غزة وما تعرضوا اليه من معاناة يعتبر من المواقف المشرفة لجلالتها والتي لا تزال مستمرة في سنوات عمر جلالتها.
فقد وقفت جلالتها أمام العالم أجمع تذكر مؤسسات المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه اطفال غزة
فقد كان دافعها انسانيا خاصا تحركه مشاعر حب وتعاطف مع الاخرين وخاصة الاطفال الذين لا ذنب لهم لكنهم يعيشون حياة غير آمنة.
هي جلالة الملكة رانيا العبدالله التي جسدت معاني العطاء والقدرة على التغيير والنجاحات من خلال مسيرتها امنت بالانسان وبقدراته وبامكانية احداث التغيرات الايجابية التي ستنعكس على المواطن والمجتمع فلم تكن سوى الام والاخت والابنة والملكة التي تحتفل اليوم بعام جديد من سنوات عمرها وهي تدرك حجم مسؤولياتها مؤمنة بالانسان وبقدرته على احداث التغيرات الايجابية بالحياة.
تؤمن جلالتها ان العمل والانجاز وتحقيق الفائدة للآخرين رسالة يتحملها كل مسؤول في موقعه وكل مواطن يرى حياته ومستقبله بامن واستقرار بلده فكل انجاز يتحقق وكل لوحة نجاح ترسم وكل طالب يعيش اليوم ببيئة مدرسية امنة وكل طفل اصبح بامكان من يفكر بالحاق الاساءة به ان يفكر مرات عديدة قبل ان يقدم على مثل هذا السلوك وكل عمل مجتمعي خيري يحصد نتاج عمله وعطائه ويتم دعمه من قبل جلالة الملكة رانيا التي قامت بزيارات عديدة لجمعيات ولمجتمعات محلية ولاسر في مختلف مناطق المملكة يستحق منا جمعيا ان نفخر به.
فمشاركة الاخرين نجاحاتهم ورسم الابتسامة على شفاه اطفال وتلمس نتاج الحرص والمتابعة والتوجيه عناوين لمسيرة خيرة بدأتها جلالة الملكة رانيا العبد الله منذ سنوات وماتزال مستمرة بايمان لا يزعزعه شيء بالانسان وبالقدرة على التغيير والانجاز مهما بلغت التحديات والصعاب.
جلالة الملكة رانيا تحمل رؤى وافكارا لا يمكنها الا ان تكون بناءة وتقود الى الافضل
فاليد التي تبني والتي تحنو على الاخرين والقلب الذي يتلمس اوجاع الاخر وقضايا وطنه فيعمل بجهد مستمر وعزيمة ترافقه في كل خطوة هو قلب وحياة تستحق منا كل التقدير.
فلنضيء اليوم شمعة جديدة في عمر جلالتها ولندعو بان تكون سنوات العمر القادمة ربيعا دائما من خلاله يمكن للعيون ان ترى كل ما هو جميل ينذر بالافضل والاجمل
كل عام وجلالتك بالف خير.